د. فتحي
التريكي[†]
ليس ثمة شك أن الصديق
الأستاذ الدكتور أحمد عبد الحليم عطية قد كرّس مجهودًا متواصلًا للتعريف بالمواقف
والمقاربات الفلسفية والنظريّات الفكرية في ميادين عديدة داخل تيّارات الفلسفة
ومناهجها. فالعدد الضخم من الكتب التي ألفها أو التي أشرف عليها وقدّمها أو التي
حققها أو أنجزها للطبع تشير بما لا يدعو للشك إلى سعة اطلاعه وإلمامه الشديد بكل
ما يجد في الميادين الفلسفيّة والفكريّة. والحقيقة أنّه أثرى المكتبة العربيّة
بهذه الأعمال الضخمة التي أصبحت مراجع أساسيّة للبحث والفكر. فقد كان الفكر
الفلسفي اليوناني حاضرًا في هذه الأعمال كما كانت الفلسفة العربية القديمة ملهمة
لبعض أطروحاته. أما الفلسفة الحديثة والمعاصرة غربية كانت أم عربية فهي التي أخذت
الجانب الأكبر من تفكيره ونقده الفلسفي. كان إذن أرسطو وأفلاطون من مراجعه الهامة
وكان حضور الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد وابن خلدون متواترًا هنا وهناك في
مجمل أعماله. كما كان ديكـارت ولا سيما كانط وفيورباخ بالإضافة إلى هيغل ونيتشه
وهايدغر من فلاسفة الغرب الحديث الذين اعتمدهم في فلسفته. كما اهتم صاحبنا بالفكر
الفلسفي المعاصر مجسدًا في فلاسفة كبار مثل جيل دولوز وميشال فوكو وهابرماس وجون
رولز وغيرهم. أما إذا أردنا إثبات المفكرين والفلاسفة العرب الذين اهتم بهم
وبأعمالهم أحمد عبد الحليم عطية فستكون القائمة طويلة لا يتسع المجال هنا لفتحها.
والإشكالية المطروحة تتمثل في التساؤل التالي: لماذا هذا الاهتمام كله بفكر
الآخرين؟ أو بالأحرى لماذا يأخذ فيلسوفنا على عاتقه مهمة إعادة قراءة تلك الفلسفات
شرقًا وغربًا؟ هل كان القصد تعليميًا فقط أم لأنّ الراهن العربي يستوجب ذلك؟
حتى
نتمكن من الإجابة عن هذا التساؤل لا بدّأ ن نذكّر بما كان عليه فعل التفلسف في
الستينات والسبعينات من القرن الماضي أي بعد معارك التحرير والاستقلال. فقد اتّجه
الفكر الفلسفي عامة نحو البحث في التراث وكيفيّة تعاملنا معه والمناهج الفكريّة
التي تخوّل لنا معرفته على حقيقته. فتعدّدت المواقف والمقاربات فكانت أحيانًا
ماضويّة وأحيانًا تجاوزيّة، ولكنّها قد أخذت في غالبها منعرجًا إيديولوجيًّا
تمجيديًّا تارة واستبعاديًّا تارة أخرى فتاه الشباب العربي آنذاك بين “نحن
والتراث” و ”التراث والتجديد” بين نظرة تريد أن تكون تقدّمية تجاوزيّة ونظرة تريد
أن تكون تجديدية وتأصيليّة في الآن، بين نظرة ثقافية وبين نظرة إيديولوجيّة.
فتكاثرت في العالم العربي المقاربات الثقافية الفكرية والايديولوجيّة مدّة طويلة.
ومما زاد في الطين بلة انتشار فكرة “العقل العربي” الذي سيواجه العقل الغربي وكأن
العقل مقولة جغراسياسية دخلت معركة مصيرية بين الأنا والآخر وكأنه منقسم حسب الدول
والشعوب والعصبيات والقبائل. تأدلجت الفلسفة وتاهت وكادت تنقرض لولا جهود بعض
الفلاسفة والمهتمين بالشأن الفلسفي وكان ذلك بالتصدي نقدًا وتشخيصًا وتوضيحًا لذلك
المنحى الثقافي الأيديولوجي أو بالعودة الجريئة إلى الفلاسفة غربًا وشرقًا لإعادة
قراءتهم والتعريف بهم وتحليل نظرياتهم وإبراز إضافاتهم. فكان لفيلسوفنا أحمد عبد
الحليم عطية الدور الرئيسي والفعّال في الشرق العربي لإحياء الفلسفة ومفاهيمها
ومناهجها وإشكاليّاتها. لهذا انصبّ اهتمامه الكامل لخدمة الفلسفة أينما كانت وحسب
إمكانياته باذلًا مجهودًا محمودًا في التعريف بها وبيان ضرورتها.
وحتّى
نعطي لكل ذي حقّ حقّه فإنّ المدرسة الفلسفيّة التونسيّة وبعض الشخصيّات الفلسفيّة
في المغرب والشرق العربي قد لعبت دورًا لا يُستهان به في عودة الروح الفلسفي إلى
ربوع وطننا. فلا غرابة أن تتوطّد علاقة فيلسوفنا بفلاسفة تونس والمغرب والجزائر
لأن المقصد واحد وهو إنهاء هيمنة الإيديولوجي على الفكر الفلسفي.
وفي
واقع الأمر تتمثل الإشكالية الصعبة هنا في قدرة الراهن العربي ثقافةً وسياسةً وفكرًا
على الوعي الكامل بالحاضر وبمعطياته ومستلزماته (1). فقد دخلنا منعطفًا جديدًا على
المستوى الثقافي العام وخيارات جديدة على المستوى السياسي. وكنت قد بيّنتُ (2)
مرارًا أن الفكر الذي صاحب المراحل السابقة وأعني مرحلة النهضة العربية ومرحلة ما
بعد الاستقلال يحتاج اليوم إلى إعادة نظر وإلى صياغة جديدة إن لم نقل تفكيكًا كلّيًا
على المنوال الذي قام به الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا لبعض مظاهر الحضارة الأوربية
والغربية. فالوعي بالحاضر يتطلب شجاعة وقدرة على النقد الجذري الفلسفي والعلمي
النزيه لأوضاعنا وفكرنا وثقافتنا مقارنة بما مضى في الحضارات الأخرى كما يتطلب
بناء مشاريعنا وتوضيح مقاصدنا.
ولا
بدّ هنا من التعمق شيئًا ما في هذه الوضعية للفكر العربي الراهن. ولا بدّ أيضًا أن
نقر أن المعقولية العربية رغم ما قدّمه عصر النهضة من إحداثيّات فكرية مازالت
سجينة التجميع والتفتيش والنقل والتنقيل فهي مازالت في مرحلة الوجداني والانفعالي
والغريزي بل ما تزال في مرحلة الشعارات والأحكام المسبقة والسريعة والمواقف
الايدولوجية والتكفيرية.
فالإشكاليّة
التي شدّت اهتمام المثقف العربي منذ عصور النهضة إلى يومنا هذا تتمثل في تأصيل
الكيان وتحديثه. جدلية صعبة لا محالة ولكنها تأخذ أبعادًا مختلفة تؤثر أحيانًا في
تطوير نمط الحياة. فالكيان يبقى عند الكثير من هؤلاء المثقفين أصيلًا والانفتاح
يعني تجديده. وتكون الأصالة تارة دينية وتارة أخرى أدبية وإبداعية وقد تكون أيضًا
علمية. وقد بيّنت في كثير من كتاباتي أنّ الحداثة مصيرنا، وأنّ علينا فتح كياننا
على تاريخيّـتنا لا من حيث أنها تربط حاضرنا بجذورها وبالحضارات التي تعاقبت علينا
فقط بل وأيضًا من حيث أنها انفتاح على الإقبال والمصير، لهذا فنحن لم نعد بحاجة
إلى تأصيل كياننا بقدر ما نحن بحاجة إلى تحريره نهائيًا كي تتجذّر ذاتنا في حاضرنا
ومشاريعنا.
مسالك
هذا التحرير وعرة شائكة وتتطلّب جهدًا واجتهادًا وشجاعة في تعيينها وتأطيرها. ومن
بين هذه المسالك إحياء الفكر الفلسفي الكوني وحقنه شيئًا فشيئًا في الفكر العربي
حتى يتأقلم مع الكوني ويتمكن من الإضافة والإبداع. وقد آلى أحمد عبد الحليم عطية
على نفسه أن يعرّف بالفكر الفلسفي العربي المعاصر استنادًا إلى المرجعيات الكبرى
يونانيًا وعربيًا وغربيًا وبالاستنجاد بالفلاسفة الغربيين المعاصرين. وفي قناعتي
أنّ هذه المهمة أساسيّة بالنسبة لاستمرار الفلسفة في ربوع وطننا العربي. ومن ناحية أخرى لا بد من
الانتباه إلى الوضع الذي عليه التفلسف في العالم الآن وهو نتيجة مباشرة لوضع
الإنسان بصفة عامة. وضع هشّ في النسق الرأسمالي المتشدّد وفي التحولات
الإيديولوجية التي حاولت إطفاء نور الفكر عامة وأبرزت تصوّر ما بعد الحقيقة
وممارسة الشعبوية السياسية.
تتزايد
هشاشة (3) الإنسان الفرد في المجتمعات العالمية حاليًا يومًا بعد يوم مع التطور
المدهش للتكنولوجيا في كل المجالات (4). لا أتحدث فقط عن تكاثر الحوادث اليومية التي
تؤدي أحيانًا إلى الموت فقط بل وأيضًا عن الأمراض الجديدة والمتجددة نتيجة التلوث
والطاقة النووية التي دخلت بيوتنا بإشعاعاتها المختلفة. أتحدث أيضًا عن ظاهرة
العنف الاجتماعي والسياسي الذي أخذ أشكالًا غير منتظرة كالجرائم المنظمة وكالإرهاب
بأنواعه وكلها قد التصقت بنمط الاقتصاد الرأسمالي في شكله المعولم. هذه المخاطر
التي تضاف إلى المخاطر الطبيعية جعلت بعض المفكرين ينعتون مجتمعاتنا حاليًا
بمجتمعات الخطر والخوف على منوال الفيلسوف الألماني إيلريش باك (5) الذي يؤكد “أن
الإنتاج الاجتماعي للخيرات مرتبط بالإنتاج الاجتماعي للمخاطر’’.
لذلك
حدّد الفلاسفة مهمة الفلسفة مستقبلًا في عناصر ثلاثة هي بمثابة ركائز استمرار
الفعل الفلسفي في علاقته التفاعليّة مع الرّاهن. فالركيزة الأولى للتفلسف في الآن
والهٌنا تتمثل فيما سمّاه جاك درّيدا بالمكوث Restance ويعني
بذلك القدرة الفائقة للفلسفة بالعودة إلى أصلها ونصوصها وإعادة قراءتها وصياغتها
وتحليلها ونقدها من جديد. ويرى درّيدا أنّ ذلك ليس تكرارًا مملاّ وليس هو عود على
بدء في حلقة مفرغة؛ لأنّ كل قراءة تولّد الجديد وتأتي بالمختلف وقد تحدث أحيانًا
إبداعًا فلسفيًّا، فمكوث الفلسفة من حيث هي تواصل أومن حيث هي انفصال يعطيها
شرعيّة البقاء نورًا فكريًّا دائمًا رغم أرباب الظلام والتحجّر. ولعلّ غالبيّة
أعمال فيلسوفنا أحمد عبد الحليم عطية تدخل ضمن هذه الركيزة الهامة التي تجعل من
الفلسفة دائمة الحضور. وهذا الكتاب الذي بين أيدينا يبيّن بما فيه الكفاية هذا
التوجه دفاعًا بشراسة على الفلسفة في عالمنا العربي. فأن تبقى الفلسفة متواجدة
داخل المؤسّسات التعليمية وخارجها في الكتب والصحف وفي وسائل الإعلام من خلال
التعريف بالفلاسفة العرب وبالفلاسفة الآخرين وتحليل أعمالهم وطروحاتهم هو نضال
يومي لمكوث النقد والفكر الحر والتفلسف عامة منارة حيّة ومضيئة في المجتمعات
العربية. وذاك هو كنه الركيزة الثانية والتي نطلق عليها مفهوم الصمود Résistance كما ورد عند جيل دولوز.
والصمود
في الفلسفة يعني أن تقوم ممارسة الفلسفة بمهامها الأساسية المتمثلة في التحديد
والتوضيح والاستدلال والنقد والتشخيص والتأسيس والتنظير رغم كل العراقيل المتأتّية
من الدغمائية في صورتها الدينية أو في صورتها السياسية والإيديولوجية. والفلسفة في
مكوثها واستمراريّتها لا بدّ أن تتحرّك ناشطة لتحقيق مهامها. ويكون ذلك بواسطة
الدرس والبحث الأكاديمي كما يكون بوسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بحيث
تتصل الفلسفة بالشأن العام تكريسًا للسلم والحياة المشتركة. ولسنا هنا بحاجة
للاستدلال على الدور الفعال الذي قام به أحمد عبد الحليم عطية في الصمود الفلسفي.
مجلة أوراق فلسفية والموسوعة الفلسفية والكتب الصادرة حول المفكرين والفلاسفة
العرب وتنظيم الندوات وغيرها كلها من تصميم هذا الرجل الفيلسوف الصامد.
وأودّ
أن أتوقّف قليلًا هنا لأبيّن أهميّة إصدار “موسوعة الفلاسفة العرب المعاصرين” في
الوقت الراهن الذي يمكن أن نعتبره في حدّ ذاته حدثًا فلسفيًا ذا أبعاد متعدّدة.
فتطوير الفكر الفلسفي في العالم العربي، يتطلّب نظرة واسعة حول واقعه وممكناته
وبحثاً شاملًا في ممكن المفاهيم والتصوّرات والمقاربات الفكريّة المتنوّعة وتدارسًا
لمجالاته ومكانته في المجتمعات العربية. وقد سبق أن أصدر معن زيادة في القرن
الماضي موسوعة فلسفية عربية تثمّن جهود المتفلسفين العرب في تجذير العقل النيّر في
ثقافتنا. ولكن موسوعة أحمد عبد الحليم عطيّة تمتاز بكونها أوسع بكثير وتتطرّق إلى
مسائل أشمل وهي على كلّ حال مواصلة للتعريف بمنتوجات الفكر العربي عمومًا. وقد كنت
شاهدًا على ما تطلّبه هذا العمل الشائق من صبر طويل ومثابرة متواصلة وجهد نادر حتى
ترى النور وتأخذ طريقها نحو القارئ العربي ونعمل جاهدين في ”ملتقى الفلاسفة العرب”
وهو كيان جديد أعلن عنه في الحمامات بتونس يوم 22 مارس 2016 بأن تصل هذه الموسوعة
إلى القارئ الذي يحسن لغة غير عربيّة.
هكذا
كان المكوث الدرّيدي مصاحبا للصمود الدولوزي داخل فكر أحمد عبد الحليم عطيّة
وأعماله التزامًا كلّيا بقيم الفلسفة التعقّليّة وبالأخلاقيّات الكونيّة
وبالمقاسمة مع المعقوليّات الأخرى وتتويجًا لإبداعات مفهوميّة وفكريّة.
هذا
ما يجرّنا إلى الركيزة الثالثة للفعل الفلسفي الراهن وهي الإبداع الفلسفي. طبعًا
لا نعني بالإبداع الفلسفي إنشاء نظريات وأنساق جديدة. فمع هيغل تمّ غلق هذا النوع
من الإبداع نهائيًا. وأصبحت الفلسفة شريدة مهمتها التوضيح والتعليل والنقد
والتأسيس وإبداعها خلق المفاهيم والآليات لتحقيق مهمتها تلك. وقد بيّن مؤلفو هذا
الكتاب عناصر الإبداع في فكر أحمد عبد الحليم عطية ألخّصها في فكرة ضرورة بلورة
إيطيقا جديدة للتعامل في المجتمعات الجديدة. ويظهر ذلك جليًّا لا في كتابه المشهور
الأخلاق في الفكر العربي المعاصر بل وأيضًا في الكثير من إنتاجياته. لم يكن همّه
تأصيل الكيان ولا تجديد التراث ولم ينح بفكره نهجًا أيديولوجيًا إسلاميًا أو
ماركسيًا، أراد فقط أن تمكث الفلسفة مكانها تسير باستمرار صامدة تعانق الأنوار
مبدعة في الكون وفي جميع الأقطار. إذ تتعلق هذه الإيطيقا بشروط الوجود الكريم
للبشر من خلال بناء قيم أخلاقيّة ومعايير كونية للعيش المشترك.
وفي
الخاتمة أودّ أن أؤكّد أنّ فلسفة أحمد عبد الحليم عطيّة وأعماله ونشاطه التدريسي
والبحثي والثقافي تجسّد في غالبيّتها الفقرة الأخيرة من إعلان تونس من أجل الفلسفة
الصادر بتونس في 2 ديسمبر 2010 والتي تقول :
“نعلن أنّ النشاط الفلسفي في البلاد
العربية ينبغي أن يكون حرًّا ومضمونًا للجميع ومحميّا من العبث به من أيّ جهة
كانت، وذلك في كل بلاد العالم، وأنّ تدريس الفلسفة يجب أن يستمرّ ويتوسّع وأن
يُدرَج في المؤسسات التي لم تعرفه من قبل ولم تذق ثماره الفريدة، وأن تُسمّى
الفلسفة باسمها وأن تُمارس صراحةً وألاّ يدرّسها إلاّ أهل الصناعة الذين أُعدّوا
لها في صلب مؤسسات التعليم الرسمية. وندعو إلى تهيئة أجهزة وفضاءات مناسبة لتداول
الكتاب الفلسفي وأن يُشجَّع على تأليفه وترجمته ونشره ومناقشته وتقويمه في نطاق
استعمال عمومي وحر للعقل العالم، وذلك بالاعتماد على وسائل الاتصال جميعًا. وأن
يُفسَح المجال أمام النقاش العلني للقضايا الفلسفية والعمل على تشريك أكبر عدد
ممكن من المهتمّين، صغارًا وشيوخا، بشأن العقل البشري وغريزة الحرية الحرة
بمستطاعها وطبيعتها ومكاسبها التاريخية والوجودية، بحيث تفلح الفلسفة في استعادة
قدرتها القديمة على احتراف فن السؤال المدني عن القضايا المدنية من قِبل مواطنين
أحرار ونشطاء، تحدوهم أكبر مسؤولية ممكنة بين بني الإنسان، المسؤولية أمام
الإنسانية بعامة “.
======
المراجع
1- تأريخ الحاضر فلسفيًا وثقافةً ظهر في
مؤلفات الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو في السبعينات عندما ربط تفكيره بمفاهيم السلطة
والقيم الأخلاقية والإيطيقا وممارسات الإقصاء والاستبعاد وذلك بتعرية الممارسات
السلطوية في الهنا والآن بالفكر والنضال. انظر في هذا المجال عدد 4 من مجلة History of the Present, University of California, Berkeley,
Spring 1988
2- أنظر كتابي فلسفة الحياة اليومية، تونس
وبيروت 2009.
3- Ricœur Paul, Le Juste 2,
Esprit, Paris 2001.
4- هذه الهشاشة لا تنفي طبعًا القدرة التي
تحلـّى بها الإنسان ليبدع في كل المجالات. فثراء مفهوم القدرة قد أكّد عليه أرسطو
من حيث هو “هوركسيس” “( Aristote, De L’âme, 433a16.) باعتباره
مرتبطًا بالرغبة والإرادة. كما نجده عند الفارابي ليأخذ شكل التدبير في كتابه فصول
منتزعة وهو عند سبينوزا “كوناتوس” أي الجهد الذي يستعمله الموجود للمكوث في وجوده
وتدعيم قوّته. كما نجد هذا المفهوم عند الفيلسوف الهندي أمرتيا سان في مفهوم
“القديريّة” capabilité بمعنى
أن المرء قدير بأن يختار تركيبات عديدة ومختلفة للعمل والإبداع. إلا أن كل ذلك لا
يكفي ليخرج الإنسان من هشاشته ويدخل عالم القوة والقدرة المطلقة. إذ كلـّما تقدم
في العلوم والتكنولوجيا لمضاعفة قدرته للتحكم في العالم كلما ازدادت هشاشته بخلق
مخاطر جديدة.
5 Ulrich Beckو La société du risque : sur la voie d’une autre modernité /;
trad. de l’allemand par Laure Bernardi ; préf. de Bruno Latour, Paris : Aubier,
2001 (مجتمع المخاطر : على طريق حداثة أخرى).
[†] مقدمة الكتاب الذي يشرف عليه
الدكتور زهير مدنيني حول “الإبداع الفلسفي العربي: قراءات في أعمال أحمد عبد
الحليم عطية”.
د. فتحي التريكي يكتب: أحمد عبد الحليم عطية والإبداع الفلسفي العربي
Reviewed by Union of Arab Philosophers
on
2:44 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: