اتحاد الفلاسفة العرب

مشروع حضاري فكري تنويري، يهدف إلى جمع فلاسفة ومتفلسفة العالم العربي من المحيط إلى الخليج؛ لأجل تحويل الخطاب الفلسفي إلى خطاب عقلنة مجتمعاتنا التي تأخرت قرونًا عن ركب الحضارة..

صفاء عبد السلام فرحات تكتب: لغتنا الجميلة


لغتنا الجميلة
   إن الحديث عن الهوية واللغة العربية أصبح مادة قتلت بحثًا، فقد تم البحث والحديث عن أهمية اللغة العربية بكل الطرق وفي شتى مجالات وموضوعات الهوية العربية، حتى أصبح القارئ يعلم جيدًا ماذا سيقرأ من تفاصيل إذا ما وقعت عيناه على عنوان بحث أو مقال مغزاه الهوية اللغوية، ولا أدعي أننا سنطرح شيئًا جديدًا في هذا المقال عن أهمية اللغة العربية، وإنما المغزى من كتابة هذا المقال هو ما وصل إليه حال اللغة العربية ليس ممن ينتمون للأوطان العربية من العامة وما دخل على هويتنا اللغوية من ألفاظ أجنبية اندمجت في براثن اللغة حتى أصبحت جزءًا لا يتجزء من حديثنا اليومي بما لا يسمح لنا بمعرفة المعنى العربي الفصيح أو حتى المعنى العامي لتلك الألفاظ، بل إن بعضًا من ألفاظنا العربية أصبحت ألفاظًا معيبة، أصبح التحدث بها دليلًا جازمًا على الجهل والتدني الثقافي لمتحدثها، في حين أن دمج بعض الكلمات الأجنبية في حديثنا أصبح دليلًا على ثقافة المتحدث، ويا حبذا لو أن هذا المتحدث أضاف لفظًا أجنبيًا ولم يستطع ترجمته للعربية، فهو إذا في نظر المستعمين يا له من مثقف عظيم, ولعلي هنا أتساءل: هل هناك ممن لا يتحدثون العربية من يدخل من الألفاظ اللأجنبية أثناء حديثه بلغته الأم؟! بالطبع من النادر أن نجد ذلك لأن الجميع يدري جيدًا أهمية الهوية اللغوية.
   ولكن ما لفت انتباهي هو عدم اكتراث البعض من أهل اللغة أنفسهم أثناء التحدث بها بالضبط النحوي للجمل، فنجد مثلًا بعضًا من الباحثين في مجالات اللغة العربية يوجه إليهم النقد بإهمال التدقيق اللغوى للرسالة من قبل المناقشين أثناء جلسة المناقشة، ليس هذا فحسب، بل نجد أيضًا بعضًا من الأساتذة أصحاب المناصب الرفيعة والدرجات العلمية المرموقة، في أقسام اللغة العربية، مثلًا، لا يجيد التحدث بالعربية الفصحى أثناء إلقاء كلمته في مؤتمر دولي عن اللغة العربية.
   إن خروج مثل تلك الأمثلة من عرين اللغة العربية لا يدع مجالًا للشك بشعورنا بالقلق الشديد إبان الأجيال القادمة التي ستتخرج في أقسام اللغة العربية في مختلف الدول العربية، وكيفية الحفاظ على لغتنا العربية، والقلق الشديد حول هذا الكيان اللغوي الذي يميز شعوبنا العربية على مستوى العالم. فهوية اللغة العربية هي جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية والعربية والأقليمية والدينية والثقافية للعرب أجمعين.
   ولعل من عاصر جهابزة اللغة العربية في قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة القاهرة يتذكر جيدًا التدقيق الشديد منهم على أهمية تخريج طلاب متمكنين تمام التمكن من إجادة اللغة العربية إجادة بالغة.. فها هو المفكر وعالم اللغة عميد الأدب العربي "طه حسين" يشدد على أهمية عمل اختبار شفهي مع طلاب الفرقة الرابعة من قسم اللغة العربية ويكون اجتيازهم لهذا الاختبار شرطًا لتخرجهم، وأثناء عقد هذا الاختبار تحدث أحد الطلاب مع معلمه "طه حسين" مجيبًا على سؤال له قائلًا: هذه الأبيات "لأبو نواس" وكان لفظها الصحيح "لأبي نواس"، فغضب العميد غضبًا شديدًا وما كان له إلا أن أصر على اجتياز هذا الطالب للسنوات الأربع من الدراسة مرة أخرى.
   إن هذا الغضب الشديد من المعلم إنما هو لإدراكه جيدًا أهمية اللغة خاصة لدارسيها والمتخصصين فيها.
   ولا يسعني في نهاية الأمر إلا أن أذكر كلمات عميد الأدب العربي "طه حسين" عن لغتنا العربية الجميلة قائلًا: لغتنا العربية يسر لا عسر، ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها، ولنا أن نضيف إليها من ألفاظ لم تكن مستخدمة من قبل.
صفاء عبد السلام فرحات تكتب: لغتنا الجميلة صفاء عبد السلام فرحات تكتب: لغتنا الجميلة Reviewed by Union of Arab Philosophers on 2:27 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

عن مؤسس المدونة

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المتابعون

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

Translate

انضم إلي صفحتنا عبر الفيس بوك

https://www.facebook.com/%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-729058127473555/?modal=admin_todo_tour

اخر المواضيع

اعلان 728x90

يتم التشغيل بواسطة Blogger.