الوعي بفلسفة العقيدة
وأثره في تنمية الفرد والمجتمع (1)
ورثنا
عقائدنا بالفطرة، تمامًا مثلما ورثنا ديننا؛ فلم نعد نعلم من أركان الإيمان ولا
حتى المبادئ الأولية للدين إلا بعضًا مما حفظناه في دروسنا خلال المراحل الدراسية المختلفة،
ولا يعني حفظنا هذا أننا على علم تام بفلسفة العقيدة وما تهدف إليه من حفظ
للمجتمعات؛ فأصبحت لدينا أمية هي أخطر على المجتمعات من أمية القراءة والكتابة،
ألا وهي أمية الوعي بفلسفة العقيدة.
وبما
أن الإنسان بفطرته باحث عن دين يدين به لإله يصير معبودًا له، مطيعًا لأوامره
ونواهيه، طامعًا في رحمته وجنته؛ فقد استغل ذلك أعداء الإسلام، وعملوا على اقتناص
الشباب اليافع وإيهامهم بأنهم سوف يعلمونهم دينهم وعقيدتهم، وفي حقيقة الأمر ما هم
إلا فريسة لمطامع هؤلاء المغرضين الذين يقومون بغسل أدمغة الشباب بتدشين فلسفة
عقائدية لا تمت للفلسفة الصحيحة للعقيدة بأية صلة، وإنما تهدف لتحقيق مطامعهم؛ وما
هؤلاء الشباب من التائهين إلا باحثين لديهم بعض الفكر الذي سرعان ما يتم برمجته لصالح
الفساد والخراب. ولو أنهم لديهم وعيًا حقيقيًا بفلسفة العقيدة الحقة لعرفوا أن
الأديان لا تدعو للتخريب والقتل وإرهاب المدنيين، ولا تدعو للاعتداء على حراس
الأوطان من جنود..
إن
هذه البديهيات التي لا تخفى على أحد يتم محوها ببساطة؛ نظرًا لجهل هؤلاء الشباب
بالمبادئ الأولية للدين، فيتم توجيههم بسهولة من قبل هؤلاء المغرضين.
إن من لا يملك الوعي بالبحث عن عقيدة، هو ضحية أخرى
لجهل مجتمعي، يبدأ من أسرة لا تعي جيدًا كيف تؤسس نشئ بأسس تربوية متكاملة ـ جزء أساسي
من أجزائها هو التوعية الجيدة بفلسفة العقيدة؛ فيصبح الصبي في مقتبل عمره فريسة
لنوع آخر من الاستغلال لا يقل خطورة عن تزييف العقائد، ألا وهو الإدمان على
المخدرات بكل تبعاته المدمرة، من تغييب للعقول وما يتبعه من جرائم تتعرض لها المجتمعات التي ينتشر بها هذا الوباء،
وما هذا التغييب للعقول إلا لجهل هؤلاء بفلسفة العقيدة التي تحث على التفكير،
وتشغيل العقول، والتدبر فيما خلق الله، والسعي والعمل على إعمار هذا الكون حتى
النهاية..
إن
الوعي الصحيح بفلسفة العقيدة، ومعرفة أسماء الله وصفاته بمعانيها، والوعي بأبعاد
الإيمان باليوم الآخر والقضاء والقدر؛ يحد من حالات الإقبال على الإنتحار التي
انتشرت بين الشباب مؤخرًا، بل إن هذا الوعي يدعمهم للتمسك بالحياة وترك الياس جانبًا
وتخطي أي أزمات نفسية يتعرض لها هؤلاء.
إضافةً
لما سبق، يدعم الوعي بفلسفة العقيدة أفراد المجتمعات على العمل الجاد، والإنتاج،
والحد من حوادث الإهمال الإنساني والمالي؛ إذ الفرد مراقب في جميع أفعاله وأقواله،
من قبل ملائكة الله المكرمين، ما يجعله حريصًا على أن يكتب له من أعمال الخير، لا
عليه من أعمال الشر.
إن
هذه النماذج وغيرها تستطيع المجتمعات ضبطها من خلال الوعي الصحيح بفلسفة العقيدة،
ليس هذا فقط، بل يدعم هذا الوعي، كذلك، النماذج الجيدة من الأفراد في المجتمع
بمختلف أنواعها.. فهناك من يحرص على إحياء النفوس من منطلق أن من أحياها فكأنما
أحيا الناس جميعًا، وهناك من يعمل على تدشين عقول واعية قادرة على النقد والتفكير
السديد من منطلق زرع الفسيلة التي ستجنى ثمارها مستقبلًا، وغيرها العديد من
الأمثلة الواعية التي لا حصر لها.
وختامًا،
نود القول بأن: من أركان فلسفة العقيدة الربط والتشابك بين كل فرع من أركان
الإيمان بدون فصل؛ للوصول إلى الركن الأعلى وهو الإيمان بالله الواحد، حيث الوصول
للمطلق السرمدي هو غاية الإيمان.
صفاء عبد السلام فرحات تكتب: الوعي بفلسفة العقيدة وأثره في تنمية الفرد والمجتمع (1)
Reviewed by Union of Arab Philosophers
on
2:57 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: