عبث التفكيكية في اللغة والنص
تعريف أولي
في الفلسفة التفكيكية التي اعتمدت ما سمّي بالقراءة الجديدة المستمدة من
الفلسفة البنيوية، أو القراءات التأويلية الاختلافية المتعددة للنص، نجد أنه جرى
تداول تلك الطروحات اللغوية والفلسفية عندنا، كما هو الشأن في جميع الصراعات
الفكرية التي ظهرت في فرنسا على وجه الخصوص، ومن ضمن تلك التيارات الفكرية ما جاء
به تروبتسكي وجاكوبسن ودي سوسير وفنجشتين وآخرين في مجال اللغة واللسانيات.
إن انزياح
واستبعاد النص الأصل يكون من خلال القراءة أو القراءات التفكيكية التي تختلف عن
أصل النص في متابعة حضور الهامش الدلالي عنه في متوالية لا نهائية من الهوس
التفكيكي، الذي يصبح فيه أصل النص ميّتا أو ملغيا بعد موت المؤلف حسب مقولة رولان
بارت.
والأهم رجوعنا
في لمحة سريعة إلى البنيوية التي اعتمدت اللغة مرجعية قارة تحت شعار(لا شيء خارج
النص)، على خلاف التفكيكية التي جاءت في مقولات دريدا العبثية في اللغة وفي إعدام
النص، فأوقعت نفسها في وحل العدمية واللامعنى الفلسفي، وأصبحت التفكيكية اليوم محل
إدانة وتندر لدى أغلب علماء وفلاسفة اللغة، يتقدمهم جومسكي وفلاسفة لغة أمريكان
معاصرين غيره.
فقد اعتمد
الشكلانيون الروس في مؤتمر لاهاي عام 1929 مصطلح البنيوية الذي وضعه جاكبسون، وقد
رفضت هذه المدرسة التي أسست البنيوية الفرنسية على منطلقاتها التي جاء بها شتراوس وآخرين
دوسيسير ولاكان وفوكو والتوسير فيما بعد فكرة عدم توظيف النص الأدبي لنصرة معتقدات
فلسفية معينة، ونادى الشكلانيون ضرورة ووجوب اعتماد النظر على الشكل الجمالي للأدب،
أي في اعتبار الأدب أدبا صرفا يتميز بعدة دلالات تعبيرية لغوية جمالية تجعله جنسا
تعبيريا مستقلا مفارقا لنصوص الفلسفة والدين والأيديولوجيا وغيرها.
إن من أكبر الأخطاء
التي تساوي بين عبثية التفكيكية التي حصرت مبحثها الفلسفي على صعيد اللغة في تدمير
النص تفكيكيا فقط، وبين الفلسفة البنيوية التي لم تقف مباحثها الفلسفية عند مبحث
اللغة بل شملت الانثروبولوجيا وعلم النفس والفلسفة واللغة وسنوضح هذا لاحقا.
وإلى هذا الحد
من الممكن اعتبار البنيوية من خلال تعدد وتنوّع اهتماماتها ومباحثها الفلسفية خارج
بدعة اللعب في مخاتلات اللغة على هوامش الاختلاف وحافات التفكيك مع أصل النص في
قراءاته المتعددة كما تفعل تفكيكية دريدا.
إن البنيوية
تعنى بالانثروبولوجيا وفرعها الاثنولوجيا تحديدا في دراسة الأقوام البدائية التي
لا تمتلك تاريخا مدوّنا عند شتراوس، وفي علم النفس لدى جان لاكان، وجان بياجيه،
وعلى نقد السرديات الكبرى كما هي عند التوسير، والجنسانية والجنون لدى فوكو.
فالبنيوية على
عكس من فقر التفكيكية الفلسفي، تيّار تجديدي في مباحث الفلسفة له فلاسفته مررنا
على أسمائهم قبل أسطر، على العكس من التفكيكية التي أرادت التعكّز على البنيوية
اللغوية فوقعت في حضن الابتذال المعرفي التجريدي في محاولتها تفسير اللغة بعبث
تدميري وهدم لا منطقي ولا فلسفي كما يفاخر به دريدا، الذي أصبح التنّدر بالتفكيك
على لسان غالبية علماء اللغة والمشتغلين في مباحث الفلسفة المعاصرة على أنه ثرثرة
تقوم على هامش مباحث الفلسفة الحقيقية الجادة.
ولنقرأ النص التالي من كتاب علي حرب "نقد
الحقيقة في مقاربته التفكيكية" (إن كل قراءة تختلف لا محالة عن النص الذي
تقرأه أو تقرأ فيه، سواء أكانت القراءة شرحا وتفسيرا، أو استنباطا وتأويلا. وهي
تنزع من ثمّ، وبحكم اختلاف ما تقرأه، الحلول محله), ولما كانت ( كل قراءة تأويلا وحمل
لمعنى ما على المقروء، وترجيح لمعنى آخر, أي هي تأوّل, ومآل التأويل أن يحل محل
التنزيل) ص 96
إن الانزياحات
التأويلية لأصل النص في تعدد القراءات واختلافها، يعطينا بحسب أحكام علي حرب، أن
فكرة أو محتوى أو مضمون النص، يعطينا ترجيحا إلى أن جميعها أفكار أو مرموزات لغوية
إشارية متعالقة بما يتعّلق بأصل شكلانية النص، وبعد إجراء القراءات التأويلية
والتفكيكية عليه يكون لا معنى لنص الأصل ولوجوده أيضا كمرجعية ليست ثابتة، ولا يعد
النص يمتلك حضورا حقيقيا بعد تعدد قراءاته المختلفة في تغييب مقصود لأصل النص في
ترجيح اعتماد الهامش كتنزيل أخذ مكانة أصل النص في الدلالة الشكلية والمضمون.
وبذلك بدلا أن
يكون أصل النص مرجعية ثابتة تحاكم بها وعلى ضوئها، صحة قراءات الهوامش الشارحة
تفكيكيا الطارئة الجديدة الشارحة لأصل النص، والتأويلات المتعددة له، وبهذا يقوم
التفكيك بإعدام أصل النص الذي هو أساس ومرجعية جميع القراءات بتعدد واختلاف أشكالها
له، الذي ترفضه تفكيكية دريدا في إلغائها من قاموس تفكيكها المرجعية الثابتة في اغتيال
أصل النص علانية، كونه يحمل معان غير متاحة لقراءة أو عدة قراءات.
الإشكالية التي تزرعها التفكيكية هنا وتمضي هي كيف
يمكننا البرهنة أن التأويلات القرائية الجديدة المضافة في الهوامش وفي محاولة
استحضار الغائب المضمر لغويا على حساب المعطى الماثل في أصل النص على أنها وسيلة وأسلوب
الاختلاف في استحضار فائض المعنى الذي تدخّره (تدميريا) القراءات التفكيكية في إعدام
اللغة قبل إعدامها أصل النص. (يلاحظ أن دريدا يستعير لفظة الهدم والتدمير من نيتشه
وغاديمير، وفي هذا تكمن نزعة العبث اللغوي الذي لا يقول شيئا وليس بمستطاع دريدا أن
يجيد غير الهدم والتدمير في تنفيذه تقليعة فلسفية شديدة الغرابة).
لا توجد أية
قناعة أو استدلال معرفي أو لغوي علمي أو فلسفي يقودنا التسليم إلى أن الرقص اللغوي
المخاتل على الهامش القرائي الاختلافي هو أكثر مقبولية وحكمة وصواب من محتوى النص الأصل
الذي قامت القراءات التأويلية التفكيكية بإعدامه وإلغاء قيمته؛ لأنه لم يف
بالتزامه في كشفه المسكوت عنه وفائض المعنى.
وكيف لنا أن
نعرف أن المسكوت عنه هو الصحيح وليس ما يبوح به أصل النص وليس ما يذهب له وتدّعيه
الهوامش من صدقية افتراضية؟. في بحثها الدؤوب عن فائض المعنى الذي تخلفّه اللغة
وراءها في تعدد القراءات والاجتهادات.
التفكيكية
تنسب لنفسها الرقص المخاتل على الهامش في المواربة اللغوية الاختلافية مع أصل النص
لتجعل من طروحاتها النظرية البائسة تجديدا شبحيا في الفكر الفلسفي. ولا نستبق
التعليق أن جاك دريدا في التفكيكية يلغي تماما أية مرجعية ثابتة يمكن الاحتكام لها.
ويعتبر دريدا أنه حتى العقل لا يمثّل مرجعية؛ لأن هذه المرجعيات التي اعتمدتها
مباحث الفلسفة قبل التفكيكية، طالما اعتبرتها مباحث الفلسفة مرتكزات محورية شبه
ثابتة فهي ميتافيزيقا يتوجب مجاوزتها، كما أن دريدا يرفض (المنهج) باعتبار أن
التفكيك لا يحتاج المنهج؛ لأنه (استراتيجية) آلية تفكيكية تطال كل شيء، وحتى
التفكيك يعقبه تفكيك إلى ما لا نهاية له أو توقّف عنده. كما أن دريدا هاجم هيدجر
واعتبره ميتافيزيقيا كونه يؤمن بمرجعية العقل الذي هو ثبات لا يعتّد الأخذ به وكذا
الانسان كوجود.
وإذا نحن
سّلّمنا بهذا التحليل القرائي التفكيكي للنص الأصل، فسنكون في حالة ضياع وتيه في
استقصائنا أين يكمن المعنى الصحيح، وفي أي من القراءات التأويلية التي طالت النص الأصل
وغيّبته قسرا نعتمد في الوصول إلى الحقيقة؟. ويصبح التشتت القرائي الاختلافي هو
سيد التيه والضياع، نتيجة منطقية لما يتوجب علينا معايشته في تعدد الانزياحات
المتناوبة في استهدافها أصل النص بالتغييب العمد كهدف مطلوب في ذاته ولذاته فقط في
إشباع هوس التفكيك.
نعتقد أن أصل
النص هو حقيقة مرجعية ليس سهلا الاستغناء عنها أو تغييبها، وأنه أيضا خلفية
استرجاعية ثابتة لمعرفة ماذا أضافت القراءات التأويلية الشارحة عليه، وأين أصبح
موقع أصل النص بعد تناوب القراءات الإلغائية له وماذا بقي منه؟، وأين أوجه القصور
والخطأ به؟. والنص منتج عقلي، والعقل والنص مرجعيات نحتكم لها ليس لحقيقة وجودها
وثباتها، بل لأنها من الضرورات البدهية التي بضوئها نستطيع الحكم على مدى أهمية
قراءاتنا اللانهائية الافتراضية لأصل النص.
من المهم
التذكير بأن رولان بارت على اختلاف مع التفكيكية التي تذهب إلى إعدام أصل النص
تفكيكا اختلافيا تداوليا، فهو اكتفى بإلغاء هيمنة المؤلف على النص ووصايته على القارئ،
وأوصى أن يكون حضور النص مرجعيا استدلالية في تعدد واختلاف القراءات هو فقط دون
غيره، ولا شيء خارج النص.
إننا نفهم أن
كل نص هو كيان مادي قائم بذاته، والأفكار قوة مادية تأخذ أنسنتها الطبيعية من
المتلقي به وإليه، ويتوجّب علينا أن ننطلق من أن كل قراءة أو عدّة قراءات لأصل
النص مهما أوتيت من قدرة تأويلية ذكيّة فهي ليس بإمكانها ولا بمستطاعها إلغاء حضور
(أصل النص) حتى لو تعاملنا مع إلغائه مجازّيا وليس حقيقيا، ثم والأهم لماذا نحن
نعامل القراءات الهامشية الدائرة حول مركزية النص الأصل أنّها هي ما يمّثل الحقيقة
المطلوبة وليس العكس في عدم اعتمادنا مركزية أصل النص أنها هي الحقيقة التي على
ضوئها نحكم على صحة منطلقات الهوامش القرائية التي تدور حول أصل النص وتستهدفه بالإلغاء؟
من جهة أخرى إننا سنضع أنفسنا بهذه الحالة أمام سلسلة لا تنتهي من الإلغاءات
المتناوبة على استهداف أصل النص في إعدامه وإخراجه من دائرة التلقي في تعدد وتنوع
القراءات له. وهذا هو ما تنادي به التفكيكية وتعتمده بالصميم.
العقل وفلسفة الشعر
ذهب علي حرب إلى
(أن الفلسفة إلى ما قبل نيتشه كانت (عقلية) تبحث عن البداهة في معرفة الأشياء، وكانوا
جميعا ينتمون إلى الفضاء العقلي نفسه، أما ما حاوله نيتشه هو الخروج من هذا الفضاء
بفتح الممارسة الفلسفية على الجسد والرغبة، على الإرادة والقوة، وبكتابة نص فلسفي
ينبض بحرارة الشعر ويعيد الاعتبار للجسد المقموع وللشعر المطرود) ص107
ويمضي مكمّلا (
بيد أن الشعر لم يصبح إجراء فلسفي (هكذا بالأصل) من إجراءات الحقيقة قبل هيدجر الذي
فتح الممارسة الفلسفية على المجال الشعري قراءة انطولوجية ... وأن هيدجر باهتمامه
بالشعر سيقصي الإجراء المنطقي العلمي كشرط رئيس من شروط التفلسف لصالح الإجراء
الشعري، معتبرا أنه لا شيء يضاهي الفلسفة في قول الوجود غير الشعر) ص 107 أيضا.
ولنا الآن تسجيل ملاحظاتنا:
1. إنه بغضّ النظر عن أن نص الفلسفة يضاهي النص الشعري
ويتماهى معه أو يضّاده، ومن هو البادئ بهذا الترويج؟، نجد حقيقة الشعر ماثلة أمامنا
لا يمكننا مجاوزتها بالألفاظ واللغة فقط. إن الشعر فعالية يغلب عليها اللاشعور غير
المنطقي للغة الذي يقاطع نص الفلسفة بالصميم، وفي تجاوزه لغة النمطية التداولية
المجتمعية إلى ما فوق التراكيب المعتادة، كما نجد اختلاط المخيال اللاشعوري الشعري
في تغييبه الإدراك العقلي للواقع، وابتداع الشعر للصور الشعرية المحّلقة بلغة
حركية تخييلية غير منضبطة عفوية وانسيابية، في تغييبها وصاية العقل، وانثيالاتها
في تداعيات من العاطفة التهويمية يصعب معها السيطرة عليها وتنظيمها أغلب الأحيان
ولا تتدخل الذهنية العقلية بها أو محاولة لجمها قبل برود العاطفة وحضور العقل، وأغلب
الأحيان لا يكاد تداخل العقل بالشعر يعتد ويؤخذ به؛ إذ يصبح عندها جميع الناس
شعراء وكل كلام الناس العادي شعرا. وبهذا المعنى لا يمكننا الإقرار إمكانية أن
يكون الشعر فلسفة، والفلسفة شعرا وهو ما حاوله فيورباخ ونيتشة وهيدجر وفلاسفة
آخرون. إن لغة التجريد في الفلسفة والشعر وإن التقيا على صعيد التعبير التداولي
فهما يختلفان كليّا في الفهم الوجودي للانسان.
وليس معنى أن
تجارب هؤلاء الفلاسفة تعطينا مبررا كافيا في تماهي الخطاب الفلسفي مع الخطاب
الشعري فكريا أو منطقيا متعذرّا، فهما كبنية إبداعية فنية وجمالية مختلفتان ولا
تلتقيان مهما بذلنا من جهود في التنظير لتسويغ مثل تلك المحاولات العقيمة. وتبقى
المسألة ضمن اجتهادات لا تلزم غير متبنيها الأخذ بها كمسّلمة يقينية فلسفية أو
حقيقة ابستمولوجية نخلص لأهميتها وصحتها.
2.المسألة الثانية أن هيدجر بسبب هذه الإشكالية الفلسفية
كان يتبادل التهم مع العديد من الفلاسفة الذين نعتوه بالفيلسوف الميتافيزيقي وردّه
عليهم هو أن نيتشه كان آخر الفلاسفة الميتافيزيقيين الذين أوصلتهم عربة
الميتافيزيقا إلينا، ومن الغرابة أن يحذو هيدجر حذو النعل بالنعل لنيتشه في إعلائه
أهمية الشعر إلى مستوى التفلسف وتداخلهما، نص الفلسفة ونص الشعر. ومحاولته تفسير
الوجود فلسفيا بماهية الشعر.
3.إن هذه الأفكار الشعرية المتداخلة مع الفلسفة هي التي
قادت كل من نيتشه وهيدجر إلى التبشير وفتح الطريق والأبواب الموصدة أمام ظهور
النزعتين اللتين دمرتا العالم في الحربين العالميتين، النازية والفاشية، التي راح ضحّيتهما
مئات الملايين من القتلى والجرحى والمعاقين والمفقودين.
فلو كان تسنّى
لنيتشه قبل جنونه ووفاته لما تردد لحظة واحدة في الانضمام لحزب هتلر النازي كما
فعل خلفه هيدجر، ولو حاكمنا أفكار نيتشه الفلسفية – الشعرية وأفكار هيدجر الشعرية
بمعيار النقد العقلي البسيط، وبقليل من البراجماتية الخسيسة التي ينعتها براتراند
رسل بفلسفة النذالة، فهل كان بقي لأفكار إرادة القوة وإرجاع الاعتبار إلى لذة
الجسد ومتعة الشعر النيتشوي أي معنى؟
4.إن ما يعيب محاولة نيتشه ومن بعده هيدجر في إقصائهما
النص الفلسفي عن مجال اشتغاله العقلي المنطقي، لغاية تمجيد الشعر، والتخييل
التهويمي غير المنطقي الذي يقاطع النص الفلسفي، منذ مقولة أفلاطون في طرده الشعراء
من جمهوريته الفلسفية وإلى يومنا هذا، هو تأثير شعراء كبار من أمثال غوتة،
وهولدرين وشكسبير وغيرهم من الذين كان تأثيرهم على الفلسفة مهّما ولا يستهان به.
إن ما يعرف
بتاريخ الجنون لفوكو الذي تطرق إلى ما يسميه الفلاسفة تنويعة هولدرين، التي حاول
فيها الشاعر الألماني الكبير تقمّص حالة الجنون إلى أن أودت به الحال إلى الجنون
المطبق، وكذا فعل الشاعر لتريامون، وقد حاول هيدجر دراسة شاعرية هولدرين، في
تفسيره الوجود بماهية الشعر، ودعا إلى هذا المنحى بالفلسفة. ولم يكتب لغيره النجاح
في هذا المسعى على ما أعتقد، حيث في نهاية كل نفق لا بد من وجود نور عقلي يعيد
المسارات الضالة إلى الطريق الصحيح.
علي محمد اليوسف: عبث التفكيكية في اللغة والنص
Reviewed by Union of Arab Philosophers
on
2:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: